في صباحٍ تشرق فيه الشمسُ على حيٍّ قديمٍ من أحياء المدينة،كانت رائحةُ الصابون والماء الدافئ تعبق في محلِّ حلاقٍ بسيط،ذلك المكان الذي يجتمع فيه الناس من كلّ طبقةٍ وحدب،يتبادلون الحكايات، ويضحكون على تفاصيل الحياة الصغيرة.دخل الوزيرُ بخطواتٍ واثقةٍ، يتبعه ظلُّ غروره،جلس على الكرسيّ وكأنّ العرشَ أمامه،ثم نظر إلى الحلاق وقال بصوتٍ ملؤه الكبرياء:> “هل تعلم من أنا؟ أنا الوزير الذي يقف الناس إجلالًا له إذا مرَّ بينهم!”ابتسم الحلاقُ، ولم يرفع عينيه عن المقصّ،ثم قال بهدوءٍ يشبه الحكمة:> “تشرفتُ بمعرفتك، يا سيدي الوزير،ولكن هنا في المرآة… الجميعُ سواسية.”ساد الصمتُ لحظة،ثم نظر الوزير إلى صورته المنعكسة أمامه…لم يرَ وزيرًا، ولا تاجًا، ولا حرسًا،بل رأى رجلًا مثل سائر الرجال — يحمل وجهًا متعبًا،ورأسًا أثقلته المسؤولية لا السلطة.ابتسم الوزيرُ وقال بصوتٍ خافت:> “حقًّا… حتى الوزير يحتاجُ من يذكّره بأنه إنسان.”

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Related posts